نُشر في الأيام الأخيرة مقطع لحجة الإسلام الشيخ محسن قراءتي (مفسر القرآن) يتحدث فيه بحماس كبير عن قصة رجل مؤمن فاضل مات ثم بعد سويعات عادت اليه الروح و رأى خلال موته ما رأى ! و خلاصة القول أنه رأى الملائكة يسألون منه عن أعماله ! و كلما أتى بعمل أو فريضة أو جهد لله أو سعي في سبيل الله أو تأليف كتاب مفيد أو أعمال خيرية عملها طوال حياته ، فإنهم يفندون كل تلك الأعمال و عندما يئس صاحبنا صرخ قائلا : اني أحب العترة ، أحب أهل البيت . أ لم يكفني ولايتهم ؟ عند ذلك ابتسموا في وجهه و بشروه بأنه سوف يعود الى الحياة ليقضي عمره بسلام !!
و مع احترامي و تقديري الكبير للشيخ القراءتي سلمه الله ، فإن لي على هذه القصة ملاحظات و تعليق :
١- لم يرجع أحد الى الحياة بعد الموت إلا بإذن من الله و إعجاز من بعض الأولياء كعيسى بن مريم . و لا يعدو كون هذا الرجل أنه مات و رجع الى الحياة لا يعدو كونه نائما في حالة مرضية شديدة و رأى في منامه ما رأى من أحلام ! و أما أنه مات قطعا ، فليس هناك أي دليل على ذلك بل و السنة الإلهية تقتضي عدم الرجوع كما في بعض الآيات .
٢- هذا الحلم أو حلم اليقظة أو ما تريد أن تسميه فيه مساسٌ بأهمية العبادة و الأجر الإلهي بل و معارض للنصوص القرآنية معارضة كبيرة ، فعندما يقول تعالى : “ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره “ يأتي و يقول صاحبنا بأن كل أعماله كانت هباء منثورا و هو الإنسان المؤمن الموالي !!
٣- هذه القصة فيها يأس كبير للمتعبدين و الملتزمين حيث يشير الى أن كل عباداتهم باطلة!! و أن السبيل الوحيد للوصول الى الجنة و القرب ، هو محبة العترة الطاهرة عليهم السلام . نحن لا نشك أبدا في أن حبهم له أكبر الأثر في التقرب الى الله و كفران الذنوب و لكن بشرط أن يكون توأما مع العمل . فالحب المجرد لا يؤدي الى الخير كما أن العمل بدون الروح الولائية لا يجر الى الأجر .
٤- هذه القصة و أمثالها ترسم صورة خشنة للملائكة المقربين الذين يسألوننا عن أعمالنا في عالم البرزخ بل و ترسم صورة ظالمة – والعياذ بالله – للغفور الرحيم الذي يرأف بعباده و يجزيهم أكثر مما عملوا بل و حتى يثيبهم على نواياهم الحسنة ، فما بالك بالأعمال الصالحة التي تقربنا اليه سبحانه .
و اني على يقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .. فالمؤمن الصالح ، الذي قام بالفرائض خير قيام و أنفق في سبيل الله من علمه و ماله و وجهته ، لا يمكن أن يُبطل الله كل أعماله و يكتفي بمحبة وولاء ناشف . فالعمل مع الولاء هو الأصل في النجاة . و نأمل من رب العباد أن يغفر لنا ذنوبنا على كثرتها و يصلح بالنا إنه غفور رحيم . و السلام على عباد الله العاملين المخلصين و رحمة الله .
التصنيفات :مقالات
اترك تعليقًا